تاريخ البهلوان

ولو عايز تقراإعمل نسكافيه وتعالي
ولو مش عايز
الخلاصة موجودة في نهاية البوست
وأي خدمة
............
إهداء إلي من علمني أن النقد
هو إكتمال البناء
...........
أظن
حين راودتنا فكرة الكتابة للمرة الأولي
إعجابا بمن قرأنا لهم
لم نكن نتصور يوما صعوبتها
وكونها طريقا محفوفا بالمخاطر والمهالك
كنا فقط
نفكر ونتمني دخول هذا العالم ثنائي التناغم
بين القاريء والكاتب
.......
ربما إكتشفنا فيما بعد
صعوبة
أن تخلق ذلك التوازن الرابط بينك و بين قاريء
صعوبة
أن تقدر علي إيصال فكرتك دون جرح له
صعوبة
أن تستحوذ علي عقله وتقدر علي التأثير فيه
صعوبات كثيرة
أن تتمسك بمعايير الكتابة و القلم
.........
الكاتب يمكن تصنيفه بمجرد القراءة له
فهناك نوعان
المحترف
كاتب تقرأ له وتحترمه
ربما تكن مختلفا معه في نقاط عديدة
أو ربما تختلف معه كليا
لكنه بسحره وحضوره
وإمتلاكه كاريزما كتابية خاصة
يقدر علي توصيل فكره إليك بلا أدني حرج
ناجيا بنفسه من النقد الهدام وإحتساب الأخطاء
وأخذا بيدك لتري ما يري
وتفكر مثلما يفكر
هؤلاء الكتّاب
يمكنك أن تقرأ هدفهم الفكري بكل وضوح
واضح المعالم غير مبهم
يجعلك تسبح بنفسك بإشتياق ولذة في أعماقه
.........
والمتفزلك
كاتب تقرأ له وتضحك
تتأفف من ضحالة رؤيته وضيق أفقه
تختلف معه كليا وموضوعيا
ولا تكن له أي إحترام فكري
فكتاباته لا تحمل مضمونا وغير هادفة
تحس بعدم مراعاته لقارئه وعقله
فهو يكتب بلا ضوابط ولا معايير
هؤلاء الكتّاب
لن تتمكن من إستنباط أفكارهم
ولن تقدر علي إستنتاج هدف أو مشكلة يطرحوها
تحس في كتاباتهم بغبائها وحماقتها
............
والكتابات منها أنواع
أعتبر أصعبها كتابات التاريخ ونقده
فهي تحتاج لنوع خاص من الإحتراف والدقة
فكتابات كالسياسية
لا تعبر إلا عن رؤية صاحبها أو وجهة نظره
ربما يدخل فيها عامل التاريخ كسرد للأحداث
ليس إلا
وكتابات الأدب و الفن
إنما هي موهبة وقدرة إبداعية بحتة
ذات قدر من الخصوصية الشخصية
وكتابات الخواطر و المشاعر
لا تحتاج حرفية بل إن رقتها وجمالها كونها تلقائية
خارجة من قلب إلي قلب
والكتابة الدينية
لا تخرج أبدا عن إطارها العقيدي
فهي محددة بتعاليم ليست من صنع بشر
ولها قدسيتها ورفعتها وجلالها
.........
ونعود لكتابات التاريخ ونقده
حيث يتحول الكاتب إلي رابط
بين ماض وحاضر
ليعرض لقارئه قراءته التاريخية
ليعينه علي فهم تاريخه وربما تعديله
وأخذ العبر و الدروس لينفع بها حاضره
وهنا تأتي صعوبتها
..........
فقراءة التاريخ
كقراءة كتاب
لا يمكنك أن تفهمه إلا صفحة صفحة
فلا تفهم صفحتك الحالية إلا بصفحتك السابقة
ولا السابقة إلا بالتي سبقتها وهكذا
لتخلص في النهاية بفكرة أو هدف أو مضمون
تربط من خلاله ماضيك بحاضرك لتتقدم
...........
سألته يوما ما التاريخ؟
أجابني
البحر
كلما أبحرت كلما كنت تائها وحيدا
فخذ منه الدّر والجواهر
وإبتعد
..........
هناك شعرة فاصلة
بين نقد التاريخ وهدم التاريخ
قد يراها المحترف
فينقد دون جرح ولا تأويل
وينقل قارئه لعقله
ويجعله يكتشف هدفا يخرج به من كتاباته
رابطا إياه بحاضر
محافظا علي إحترام التاريخ ورموزه
وقد تختلف معه لكنك ستحترم فكره
.........
وقد لا يراها أساسا المتفزلك
فيهدم ما يعتقد أنه يبنيه
ويطول بمعول هدمه كل شيء
حتي قارئه ومحرّماته
ليبقي هو في النهاية وحده
لا يعرف أي هدف كان يتحدث عنه
فتجد كلامه فارغا من نقد بناء
وقتها
يصبح الكاتب بهلوانا
يتلاعب بالألفاظ و الأهداف
يدعي التنوير وعقله ظلامي
فلم يفهم أدني أساسيات التاريخ
لم يعلم
أنه لولا الأمس ما كنا اليوم
وخلق التاريخ لنتعلم
لا لنهاجم أشخاصا ونحقرهم
وستختلف معه لكنك لن تحترمه
.........
تستفزتني بشدة كتابات بعضهم
عن نقد للصحابة رضوان الله عليهم
ليخرج الرأي عن دائرته
ليصبح تطاولا وسفها
ولا يؤتي ثماره كرأي بل تتحول
إلي كتابات بلا هدف
تغرق في بحور الماضي وكأنها قارئة
للتاريخ وشاهدة علي الخلق منذ البدء
فلا تستنتج هدفا ولا فكرة ولا قضية
بل لا تري إلا الحمق و الغباء
لعن الله يوما أصبح البهلوان
كاتبا
.........
...الخلاصة
كتبت هذا البوست
وتكلمت عن المحترف و المتفزلك من الكتّاب
وعن الكتابات
وخاصة نقد التاريخ
ولكن الداعي الأكبر كان
ماقرأته في بعض الصحف
عن ما يدعونه نقدا تاريخيا
لم يخرج عن كونه إهانة لمكانة الصحابة
رضي الله عنهم في قلوبنا كبسطاء
وأعاد لذاكرتي مقالات لأخرين
يهينون رموز هذا الوطن ممن رحلوا
بوقاحة وتطاول
لاتتفق مع حبنا لهم ولتعلقنا بتاريخنا
وفخرنا به بصفة عامة
ولكي لا يفهمني أحد بالخطأ
لست ضد نقد التاريخ وتصحيح المزوّر منه
ولا ضد الرأي الأخر
ولست ضد نقد أي إنسان أيا كان
فكل بشري يخطيء ويصيب
ويؤخذ منه ويرد
وأنا مع كل رأي صائب ومحترم
يعطي هدفا وتصورا ورابطة
بين التاريخ و الحاضر
تفيدنا في الأن وليس الأمس
محافظا علي مكانة كل شخص وحرمته
لكي لا نهدم تاريخنا ونجلس علي أطلاله
....
فما حاضر أمة
إلا عصارة تاريخها وجواهره