╗◄عالم الرياضيات إراتوستينيس وقياس محيط

قد
ينذهل البعض حين يعلم ان العالم كله في الأزمان الغابرة كان على علم بأن
الأرض كروية وقد استطاع أحد اليونانيين تحديد محيطها بدقة عالية قبل ميلاد
المسيح بـمئتين سنة حتى جائت الكنيسة وأشاعت بين الناس الخرافات والأكاذيب
لكى توجههم كيفما شائت دون مقاومة، فطمست الحقائق وحاربت العلماء وأجبرت
الناس على فهم أن الأرض مسطحة وأخافتهم من السفر في البحر فقالت أن المحيط
الأطلسي هو بحر الظلمات الذى يصب في هوة عميقة لا قرار لها وغيرها الكثير
والكثير من الخرافات حتى جاء الإسلام وأنقذ البشرية من ظلمات الجهل الى
نور الحق بفضل العلم. ففي حوالي سنة 276 ق م ولد عالم الرياضيات والفلكي
اليوناني إراتوستينيس في اثينا باليونان الذي استطاع تحديد محيط الارض
بواسطة عصا فقط ، حيث كانت وحدة قياس الأطوال هى الأستديوم الذي كان يختلف
قليلا باختلاف المناطق ، فكان يتراوح على الارجح بين 160 مترا و 185 مترا
تقريبا. امضى إراتوستينيس فترة طويلة من حياته في الاسكندرية بمصر التي
كانت خاضعة آنذاك لحكم اليونانيين نحو سنة 200 ق م . لاحظ إراتوستينيس انه
في مدينة سيني (اسوان حاليا) في اليوم الاول من الصيف ، تكون شمس الظهيرة
في وسط السماء لان اشعة الشمس بلغت قاع الآبار العميقة دون ظلال . أما في
مدينة الاسكندرية ، التي تقع على بعد 5.000 استديوم أو 925 كيلو متر شمالى
أسوان كانت الأشياء لها ظلال احدثتها اشعة الشمس في اليوم نفسه وفي وقت
الظهيرة ايضا. ونتيجة لذلك خطرت على بال إراتوستينيس فكرة لقياس محيط
الأرض ، فنصب في الاسكندرية عموداً قائما أو عصا في الارض ، ثم قاس زاوية
الظل الذي شكله ذلك العصا القائم عندما توسطت شمس الظهيرة السماء. فوجد ان
هذه الزاوية التي يشكلها العصا القائم مع الخط الوهمي الممتد من نهاية
الظل الى قمة العصا القائم تساوي 7.2 درجة . كان إراتوستينيس مقتنعا بأن
الارض كروية ويعرف ان هنالك 360 درجة في الدائرة ، فقسم 360 درجة على
الزاوية التي قاسها، اي على 7.2 درجة فكان الناتج هو 50 أى أن الأرض مكونة
من 50 جزء ، وكل جزء طوله حوالى 925 متراً وبذلك يكون محيط الأرض هو
46.250 كيلو متر. وإلى اي حد كان الرقم الذي توصل الية قريبا من الحسابات
العصرية بحسب القياسات المتبعة . ويذكر علماء الفلك العصريون أن محيط
الارض مرورا بالقطبين 40.008 كيلومتر ، بعدما قاسوه بواسطة مركبة فضائية
تدور حول الأرض.

فبواسطة عصا ومنطق علم الهندسة استطاع هذا الرجل
منذ 200 سنة قبل الميلاد أن يحسب بدقة مزهلة محيط الأرض وهو جالس في بيته.
ويعتمد علماء الفلك اليوم الطريقة الحسابية التي اتبعها كأساس لقياس
المسافات خارج نظامنا الشمسي وفي الفضاء السحيق.